السبت الرابع بعد عيد ارتفاع الصليب «الإنجيل

           

إنجيل اليوم (لو 15/ 8-10)

 

8 قالَ الرَّبُّ يسوع: "أيُّ امرَأةٍ لها عَشَرَةُ دَراهم، إذا أضَاعَت دِرهَمًا وَاحِدًا، لا تَشعَلُ مِصباحًا، وتُكَنِّسُ البَيت، وتُفَتِّشُ عَنهُ باهتِمامٍ حَتَّى تَجِدَهُ؟

 

9 فَإذا وَجَدَتهُ تَدعُو الصَّديقات والجَارَات، وتَقولُ لَهُنَّ: افرَحنَ مَعِي، لأنَّي وجَدتُ الدِّرهَمَ الَّذي أضَعتُهُ!

 

10 هَكَذا، أقولُ لَكُم، يَكُونُ فَرَحٌ أمَامَ مَلائِكَةِ اللهِ بِخَاطِئٍ واحِدٍ يَتوب!".

 

 

قراءتي للنَّصّ

 

يشبه "مَثَل الدرهم الضائع" (8-10) المثَل السابق، "مَثَل الخروف الضالّ" (3-7)، من حيث التفاصيل المتعلّقة بعمليّة التفتيش والإيجاد، ومن حيث النتيجة التي هي، هنا، عينها هناك: "وهكذا، أقول لكم: يكون فرح أمام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب" (10).

 

أظنّ أنّ الرّبّ يفتح أمامنا، بهذا المثل، مجالًا جديدًا، لكي نعي حقائق أساسيّة، نشير إليها بما يلي.

 

أيّ إنسان ("أيّ رجل منكم")، في المثَل الأوّل، و("أيّ امرأة")، في المثَل الثاني، يملك شيئًا (خروفًا، أي كائنًا حيًّا، في المثَل الأوّل، أو درهمًا، أي كائنًا غير حيّ، في المثَل الثاني)، وأضاعه، يشعر بالحاجة إلى التفتيش عنه، وإلى استعادته؛ ويفرح به عندما يجده، بالرغم من تعب التفتيش وهومه؛ ويدعو الآخرين إلى مشاركته في فرحه؛ هذه حال الإنسان، أيّ إنسان، بالنسبة إلى الأشياء التي يملكها، أي المرتبطة به برباط المُلْكِيّة؛ أمّا الله فخالق، ومخلوقاته مرتبطة به برباط الوجود والكيان، الذي هو غير رباط المُلْكِيّة وأشدّ منه بكثير وبما لا يقاس.

 

خلق الله الإنسان على صورته ومثاله، وأقامه سيّدًا على باقي مخلوقاته المحسوسة؛ لكنّ الإنسان أخطأ، وابتعد بخطيئته عن خالقه، وصار في هذا العالم كائنًا للخطيئة والألم والموت؛ هكذا أضاع الله الإنسان ("مثل الابن الضائع")؛ وكان على الله أن يتّخذ القرار بالتفتيش عن الإنسان، وبحمايته من الشرّ، وبإعادته إلى الحياة معه (الوعد بالخلاص).

 

وفي آخر الأزمنة، أرسل الله ابنه الوحيد يسوع، في مهمّة الخلاص هذه، فأتَمّها ببشارته (تعليم وأعمال)، وبدعوته الإنسان إلى الإيمان، وبحمله إيّاه على كتفيه، في طريق العودة التي هي آلام الصليب والموت، وفرح القيامة.

 

 

وأخيرًا، أوكل الله بيسوع المخلِّص، إلى الكنيسة التي أسّسها، مهمّة المتابعة، في هذه الأزمنة الأخيرة، بوحي الروح القدس وفعله، عبر التاريخ وإلى يوم مجيئه الثاني بالمجد.

 

 

 

                                                              الأب توما مهنّا